0
خلال السنوات الماضية ودّعنا كثيرًا من الأرواح الغالية على قلوبنا في حالات مختلفة من حوادث المرور، منهم القريبوالبعيد..والحبيب والصديق..الأم والأب..الأخ والأخت.. ومنهم أعزاء متربعين على عروش قلوبنا حتى في غيابهم.. ومنهم من تدمع أعيننا حزنًا لفراقهم لأنّهم قد مروا علينا في إحدى محطات الحياة وتركوا في قلوبنا وذاكرتنا بصمة لا تنسى، وظلوا في ذاكرتنا خالدين .. ومنهم من تمنينا أن تكون أرواحنا قد فارقت الحياة قبل أرواحهم حتى لا نذوق مرارة الأيام بفراقهم الأليم..ومنهم من تفاجئنا الأقدار برحيلهم الجماعي فيشمع منزلهم بالشمع الأحمر لتصبح ديارهم خالية من ساكنيها.. ونعبر قربها وبصماتهم وذكرياتهم تجعلنا نبكي بدلاً من الدمع دمًا.. ونصرخ بعلو أصواتنا..." بسنا حوادث" ولكن هيهات..
المُتفق عليه أننا جميعًا نؤمن بالقضاء والقدر، ولكن لكلِ حادث مسببات، وللحوادث المرورية، بدلاً من السبب سنجد حزمة من الأسباب، فالسرعة والتجاوز واللامبالاة والانشغال بالهاتف النقال أو الأكل أو الشرب، إلى جانب عدم الالتزام بأدوات السلامة مثل حزام الأمان وغيره، وعدم التركيز خاصة في المسافات الطويلة، كلها أسباب وهي من الأسباب التي باستطاعنا بمزيد من الاهتمام والوعي والتثقيف لأنفسنا ولبعضنا أن نتجاوزها ونتغلب عليها، وفي المقابل نجد الجانب الآخر والذي يعد من أبشع أوجه الفساد في المركبات وهو الغش أو التزوير الذي تقوم به بعض وكالات السيارات من تزوير لقطع الغيار وصيانة المركبات واضعين نصب أعينهم جشعهم لجني المال متناسين ما قد يترتب عليه نتيجة تصرفاتهم غير الإنسانية من انحراف المركبات أو انفجارات الإطارات أو أيّ شكل من أشكال الحوادث المرورية لترتفع أعداد ضحايا الطرق ونحن نردد هذا "قدرهم وقضاؤهم" أو " فلان ساعته واصلة"، ليس هناك شك في ذلك ولكن عبدة المال هم من يجب أن يتحمل جزءًا من المسؤولية في مثل هذه الحالات والتي شهدناها خلال السنوات القليلة الماضية.
من هنا لابد لنا من تكثيف نشر ثقافة الوعي المروري، أيقنت بعد مشاهدة بعض الحوادث ومعرفة أسبابها أنّ لجهود الهيئة العامة لحماية المستهلك، وما كشفته من أوجه الفساد فيما يخص المركبات وقطع الغيار المستخدمة الأثر البالغ في المساهمة في تقليل الحوادث التي كان طمع هؤلاء وإفساح المجال لهم للتلاعب، في ظل يقينهم بأن لا رقيب ولا حسيب سيكشف تلاعبهم، كما إنّ وعي الناس الذين اكتووا بنار الحوادث، وأكاد أجزم بأن منازل قليلة ونادرة تلك التي لم تتذوق ألم الفقد ووجع فراق أحد أفرادها أو أحبائها في حادث ما، فالتجربة التي نعيشها واقعًا أكثر إيلامًا مما نسمع ونقرأ، وهي كفيلة بردعهم للقيادة بحذر شديد، إلى جانب التوسعات في الطرق التي نشهدها مؤخرًا، ولكننا ما زلنا في حاجة إلى تحسين النقل العام في البلاد.
ولقد سعدت كثيرًا وأنا استقبل بعض نشرات الأخبار اليومية، حين طالعني تقرير المركز الوطني للإحصاء والمعلومات الذي أفاد بتراجع إجمالي عدد حوادث الطرق المسجلة بنهاية الفترة الممتدة من شهر يناير وحتى نهاية شهر أغسطس من عام 2014 بنسبة 30% ليصل إلى 3,889 حادثاً مقارنة بـ 5,554 حادثاَ خلال الفترة ذاتها من العام السابق، وأظهرتْ أحدث الإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، تراجع إجمالي الإصابات المسجَّلة حتى نهاية أغسطس الماضي بنسبة 56.8% ليصل إلى 3,232 إصابة مقارنة بـ 7,474 إصابة مسجلة في الفترة المماثلة من العام السابق. وبيَّنت الإحصائيات أن حالات الوفيات الناجمة عن تلك الحوادث شهدتْ انخفاضاً بنسبة 12.7% خلال الفترة المذكورة من العام الجاري لتصل إلى 555 حالة وفاة مقارنة مع 636 حالة وفاة مسجلة في الفترة ذاتها من العام السابق.
جهود شرطة عمان السلطانية هي الأخرى حاضرة وبقوة.. ولا أبالغ إن قلت بأن البعض يتذمر ويتأفف من الرادارات وكثرتها، ولكن حقيقة الواقع تؤكد بأن "رب ضارة نافعة"، فتمر على البعض منّا لحظات يتمنى لو ينصب رادار كل مئة متر لعل وعسى أن يتعظ أولئك السائقين بسرعة جنونية ومتهورة.
من خلال قيادتي وتعاملي مع الشارع والشباب أرى أنّه لا مجال للعناد في الشارع كما يفعل البعض، بالرغم من أنني حديثة العهد بقيادة السيارة في الشارع إلا أنني مررت بتجارب جعلتني التزم بقواعد القيادة الهادئة، مما يعزز لدي بشكل تدريجي ثقافة مرورية صحيحة.
همسة لضحايا نزيف شوارعنا..
 بالأمس كنتم بيننا..واليوم نفتقد وجودكم حولنا
ولكن..بالذاكرة أنتم خالدين..
فلنفكر بأهلنا قبل أن نمسك مقود سياراتنا..
الوعي الذاتي هو الحل الأمثل..
فايزة سويلم الكلبانية / الرؤية

إرسال تعليق Blogger