يقول المثل انه "لما تتصارع الفيلة فالعشب هو الذي يُداس" و إذا أسقطناه
على الحالة الأوكرانية فهي بمثابة أولى الأراضي الأوربية التي يتم النزاع
عليها بحثا عن نفوذ أوسع من قبل كل من الولايات المتحدة الأمريكية من جهة و
روسيا من جهة أخرى، في مشهد يدل على بداية الجولة الثانية من الحرب
الباردة
فرغم أن الأزمة في كييف بدأت بفعل عامل داخلي محض "ظاهريا" هو مطالبة
المعارضة بالتحاق أوكرانيا بالاتحاد الأوربي، لكن هذا لا يمنع أنها تتخذ
بعدا جيوسياسيا دوليا "جوهريا" فيكفي فقط ذكر في هذا الصدد أن سكان القسم
الشرقي لأوكرانيا موالون لروسيا بينما سكان القسم الغربي فانتماءهم يميل
للاتحاد الأوربي، و هذا ما يعد أولى ذرائع التقسيم "تقسيم النفوذ بين
المتصارعين".
و إذا علمنا أن الدراسات السياسية توضح انه من يسيطر على منطقة *اوراسيا*
يمكنه السيطرة على العالم *اجمع*، فان عجب شعوب المعمورة عامةً و العربية
خاصةً يزول، و تجد التساؤلات و الاستفسارات إجابةً عن سبب ما يحدث في
أوكرانيا بالذات و هو مغازلة موقعها الاستراتيجي الواقع بين أوربا و آسيا
من طرف الساعين لحكم العالم .
فالسيطرة الدولية بالنسبة لروسيا أو الولايات المتحدة الأمريكية هدف و طموح
لابد من بلوغه مهما تنوعت الطرق، و لذلك نجدهما تتدخلان في معظم القضايا
بحثا عن مصالح تضيفها كل دولة إلى رصيدها التوسعي الذي يمكنُها من القيادة،
و خير مثال على ذلك سعيهما على لعب دور الفاعل الدولي القوي في ما يحدث في
سوريا، فنجد أن روسيا تقف مساندة لبقاء بشار الأسد في الحكم بينما
الولايات المتحدة الأمريكية تدعم المعارضة السورية بالزاد و العتاد، و كل
هذا يحدث من اجل جمال "عيون المصلحة " و التي من اجلها يمكن أن تجلس واشنطن
مع موسكو في طاولة واحدة للتفاوض مع إيران للحد من برنامجها النووي الذي
يعتبر خطرا يهدد قوتهما العسكرية .
هذا التحليل البسيط جدا لما هو واقع يدفعنا للتأمل في دولنا العربية التي
خضعت بعضها لمعامل صناعة الثورات بينما ينتظر البعض الأخر لما ستكون عليه
الأمور أو بالعبارة الأدق ما قُرر أن يحدث لها خاصة بعد "نجاحهم" في برمجة
عقول العرب على أن ما هو خريف يجب اعتباره ربيعا و ما هو دمار يجب تسميته
ثورة شعب .....و نتيجتها خراب واضح للعيان .
إذًا أوكرانيا هي بداية فقط لثورة التنافس على "كرسي رئاسة العالم" فهل
يمكن أن نستوعب كل هذه الدروس و نحاول ترك مشاكلنا و اختلافاتنا الضيقة
التي يريدون منا تكثيرها و تكبيرها لغاية في أنفسهم بحثا عن مصلحتهم و
توسيع نفوذهم على أراضينا للسيطرة علينا ...فهل نمكنهم من بلوغ ذلك أم أننا
أقوى .
*** خطي الافتتاحي في ما اكتب و انشره هو قناعاتي الشخصية فسواء اتفقت مع فكرتي أو اختلفت تأكد... أني سأحترم رأيك.
بقلم : حكيم تواتي
إرسال تعليق Blogger Facebook