0
اظهرت الانتخابات النصفية للكونجرس في الولايات المتحدة الامريكية فوز الحزب الجمهوري وتقدمه على الديموقراطين حتى في الولايات التي كانت تعتبر معقلا لهؤلاء مما ادى الى انتكاسة للحزب الديمقراطي شبهها المحللون بالوضع الذي حدث خلال إدارة الرئيسين الديمقراطيين ريتشارد نيكسون عام 1974 وبيل كلينتون 1994 التين كانتا الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية ، و لابد ان ذلك يرجع لعدد من الاسباب اهمها :
_غياب التناغم داخل ادارة اوباما وفقدان الهدف او الاتجاه العام وقد ظهر هذا بشكل جلي من خلال اداء وتصريحات وزير الخارجية جون كيري في عدد من الملفات حيث بدا وكأنه يعمل خارج الادارة الامريكية ، وأيضا تسرب خلافات بين وزير الدفاع والبيت الابيض في موضوع الموقف من الاسد وإرسال قوات برية في اطار العملية العسكرية ضد داعش ، وهو ما حذا بالبعض الى توقع ان يجري اوباما في هذا التوقيت تعديلات على طاقم ادارته ، من جهة اخرى ظهر اوباما نفسه حائرا مترددا في عدد من القضايا الهامة خاصة الخارجية اتضح هذا في عدد من التصريحات التي تبين انه يفتقد الى خطط واستراتيجيات في مواجهة عدد من التحديات .
_الوضع الاقتصادي المتردي على الرغم ان الاقتصاد الامريكي عرف تحسنا ونموا في الفترة الاخيرة قد يؤدي الى تعافيه في النهاية من ازمته إلا ان الديموقراطين لم يستفيدوا من هذا الانجاز في حملاتهم .
_تقادم الاستراتيجية الترويجية التي اعتمدها الحزب الديمقراطي اذ انه في العام 2012 نجح الحزب في الانتخابات من خلال التركيز على الشأن المحلي و قضايا السياسة الداخلية إلا ان هذا الاسلوب كان من اسباب تراجع الديموقراطين هذه المرة حيث ركز الجمهوريون على اخطاء سياسة ادارة اوباما التي ادت الى اضعاف وتراجع مكانة الولايات المتحدة عالميا ، رغم ظهور اصوات داخل الديموقراطين انفسهم تنقد تركيز الحملات الانتخابية على هذا الجانب واعتبارهم انها غير مجدية لكن الاتجاه العام للحملات لم يتغير .
_اختفاء كاريزما اوباما تحت ثقل من الاداء المتراجع وهو الامر الذي انعكس جليا في تراجع مؤشرات شعبيته فالهالة التي حظي بها باعتباره الرئيس الاسود الاول ذو القدرات الخطابية العالية لم تعد تفيد الحزب الديمقراطي حتى ان البعض بدأ يقر ان اوباما اصبح يشكل عبئا على كاهل الديموقراطين ولعل ابرز العيوب الشخصية التي عرفت من ادائه هو غياب الجسارة والجرأة والقدرة السريعة على اتخاذ القرارات اذا قورن بمن سبقه من الرؤساء .
_اعتماد الحزب الديمقراطي سياسة دفاعية في الانتخابات اذ ركز على الولايات التي انتزعها الجمهوريون في الانتخابات السابقة وهو مما ادى الى خسارته مقاعد ولايات كانت لصالح الديمقراطيين وهو ما حدث بخسارة مقاعد في مجلس الشيوخ في كل من فى كل من نورث كارولينا وكلورادو وإيوا وغرب فيرجينيا وأركنساس ومونتانا وثاوث داكوتا .
_ عدم اعتناء الحزب الديمقراطي باختيار المرشحين اذا قورن ذلك بأداء الحزب الجمهوري اذ تم ذلك بإحكام شديد وبدقة .
_ قدرة الحزب الجمهوري على استقطاب الفئات المتضررة من سياسات ادارة اوباما وتلك التي كانت غير راضية على ادائه من خلال تركيزها على نقد واستثمار الاخطاء التي ارتكبتها ادارة اوباما في الفترة الماضية خصوصا ان الشرائح المؤيدة والمتعاطفة مع الديموقراطين سهلة الاختراق نظرا لتمايزها وعدم تجانسها ايديولوجيا خصوصا في بعض الولايات الجنوبية والغربية .
وفي النهاية لابد ان مزاج الناخبين الامريكيين اصبح يميل لليمين بقوة بعد فترة من حكم الديموقراطين اذ انه ليس جديدا ان تتغير الميول بعد عهدتين لرئيس ديمقراطي وهو ما حدث بالضبط بعد فترة حكم جورج بوش الابن سابقا ، ومن المتوقع ان يعمل فوز الجمهوريين الى تعقيد مهمة الرئيس اوباما في عدد من السياسات الداخلية والخارجية و لعل اهم هذه الملفات على المستوى الداخلي هي سياسات الرعاية الصحية والهجرة والبيئة وعلى المستوى الخارجي المفاوضات مع ايران على الملف النووي والحرب على داعش ، خاصة اذا اختار عدم التقارب والتعاون مع الجمهوريين من اجل تحقيق اجندته دون تنازلات.
ايمان موسى النمس 

إرسال تعليق Blogger