0
في منطقة يهزها الإرهاب منذ حوال السنتين تدور حملة الانتخابات التشريعية بشكل رتيب، ويطرح متنافسون اهتمامات عادية لسكان يعيشون من وقت لآخر على أزيز الرصاص وانفجارات الألغام.
بشكل عادي، تدور الحملة الانتخابية لاستحقاق الأحد القادم بين مختلف المترشحين يطرحون حلولا عادية أيضا لواقع متفجر، كما يقول عدد من أهالي الشريط الحدودي مع الجزائر، انطلاقا من محافظة القصرين حيث جبل الشعانبي إلى محافظة جندوبة مرورا بمحافظة الكاف التي انفجر في جبالها أمس الخميس لغما ارضيا زرعه إرهابيون ينشطون منذ مدة في جبال المنطقة.
وتذهب تقارير أمنية وإعلامية إلى أن الإرهابيين يتبعون “كتيبة عقبة بن نافع” المنضوية تحت تنظيم أنصار الشريعة المحظور في تونس منذ أغسطس 2013.
ومع اقتراب الحملات الانتخابية للقوائم المرشحة لبرلمان تونس عن دائرة القصرين، يتسارع نسق الدعاية ومحاولة استمالة الناخبين.
دائرة القصرين نصيبها من المجلس القادم ثمانية مقاعد من إجمالي 217 ويبلغ عدد المسجلين في السجل الانتخابي أكثر من 185 ألف ناخبـ بحسب احصائيات الهيئة المستقلة للانتخابات. وخصصت الهيئة 301 مركز انتخاب لكن جزءا مهما من الناخبين هم من متساكني سفوح الجبال التي اصبح يطلق عليها عادة “جبال الارهابيين”، وهم الثلاث جبال: الشعانبي أعلى قمة في البلاد، وأول مكان أعلن الإرهابيون فيه عن تواجدهم وجبل السلوم شرقه وجنوب مركز المحافظة وسمامة شمال مركز المحافظة.
سكان هذه المناطق القريبة من مناطق عمليات عسكرية ومن جبال تحولت الى مناطق عسكرية مغلقة منذ نيسان/إبريل 2013 بقرار رئاسي تأثرت حياتهم بشكل كبير بالأحداث الجارية بالجبال فعلاوة على أزيز الرصاص ودوي المدافع والخوف الدائم من أن يكونوا هدفا مباشرا لعمليات قد تنفذها هذه المجموعات فان موارد للرزق قطعت ومرعى اغلقت أمام مواشيهم ودوابهم.
يمثل عدد الناخبين بالمناطق القريبة من الجبال بمحافظة القصرين التي تمثل مسرحا لعمليات عسكرية ومسرحا لعمليات ارهابية أكثر من 21 ألف و400 ناخب وهو رقم مؤثر في نتائج الانتخابات.
وفي جولة لمراسل الأناضول ببعض المناطق وبمراكز الانتخابات التي خصصت فيها الهيئة أماكن لتعليق الملصقات الدعائية والقائمات الانتخابية بدا واضحا عدم اهتمام المترشحين بإلصاق معلقاتهم بالمناطق المخصصة لهم اذ أن أكثر من نصف القائمات لم تولي الأمر أهمية ومن قام بالعملية فان حظها التمزيق.
محسن يحياوي، من متساكني منطقة الدغرة الواقعة على السفح الشرقي لجبل الشعانبي، يراقب منذ بدأ الحملات الانتخابية والدعاية الحزبية ويؤكد “ان الانتخابات التي ستجري في الايام القادمة قد تكون منعرجا حاسما في تاريخ البلاد وهو واع بذلك ” لكن هذا الوعي لا يشاطره فيه الكثيرون من سكان المنطقة”.
وعن انتظاراته من الانتخابات، يقول: “إني متفائل بالمستقبل ولكن نحن في هذه المناطق المنكوبة منذ زمن بعيد كنا ننتظر ان تتحول محل اهتمام لكنها تحولت إلى مناطق شبه عسكرية مغلقة وتناستها برامج السياسيين فهي سطرا في كل برنامج انتخابي ومضمونه دعم الأمن والجيش لمواجهة الإرهاب دون الإشارة إلى مصير البشر المزروعين على سفوح هذه الجبال”.
ويتابع اليحياوي: “الوعود كما تعرفون كثيرة ولكن الكذب كثيرا ايضا والتجربة السابقة خير دليلا وهو لا يصدق جزءا كبيرا منها”.
وأشار إلى أن “جزءا من الحملات الدعائية لجأت إلى محاولة استمالة هؤلاء المتساكنين عبر استغلال أوضاعهم المادية الصعبة وهو أمرا واضحا عندما يتجول أعضاء القائمات الانتخابية داخل هذه المناطق الريفية بعيدا عن رقابة المشرفين على الانتخابات الذين يهتمون فقط بالتجمعات السكنية الكبرى”، يضيف محسن اليحياوي
عند الاطلاع على برامج القائمات المستقلة، يظهر فارق شاسع بين منطقة ولمدة سنتين لا تذكر إلا كمنطقة إرهاب وانعدام الأمن وبين برامج موجهة للناخبين كان البلاد في وضع عادي سينطلق فيها البناء بعد نتائج الانتخابات فيما يغيب موضوع الإرهاب عن عديد القائمات فان أغلبها لجأ إلى عبارات عامة وهي دعم المؤسستين العسكرية والأمنية لمواجهة ظاهرة الإرهاب وفي بعض العبارات اجتثاثها، كيف ومتى لا تفاصيل عن ذلك وحتى في الاجتماعات الشعبية نأت أغلب الأحزاب عن الخوض في هذه المسألة نهائيا
لكن محمد صلاح حقي اختار للقائمة المستقلة التي يرأسها اسم “الشعانبي” اختيار قال عنه في تقديم القائمة انه “إعادة الاعتبار لقمة شماء تحولت بفعل فاعل إلى منطقة توتر”، ويعتقد أن المواجهة ستكون على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.
الوسيلة التي غابت عن قائمات أخرى قدمتها قائمة ائتلافية بين أحزاب ذات مرجعية إسلامية وكفاءات مستقلة ضمن قائمة الشعب يريد من خلال” الشعب يريد القضاء على منابع الفساد والإرهاب ونحن سنعمل على تجفيف منابع الإرهاب وحماية أبنائنا من الانزلاق والتغرير بهم “.
قبل أيام معدودة من انتخابات الاحد، لا يزال كثيرون لم يحسموا أمرهم وخاصة أمام ضعف الحملات الانتخابية بهذه المناطق وربما سنشهد عزوفا واضحا عن المشاركة في الانتخابات التي يرى كثيرون أنها لن تغير من واقعهم الكثير كسابقتها التي انتظروا منها الكثير فجاور مسكنهم غرباء زادوا من صعوبة وضنك عيشهم.
وضمن سلسلة الجبال التي تنطلق من الشعانبي، توجد جبال تغطي مساحات واسعة من محافظة الكاف..
في هذه المحافظة يبلغ عدد الناخبين مائة وثمانية عشر ألف ناخبا بالمقابل يبلغ عدد مراكز الاقتراع مائة واثنين وتسعين مركزا من بينهم اثني عشر مركز اقتراع حدوديّ يتمركزون بالمناطق الحدوديّة التالية قلعة سنان ونبر و ساقية سيدي يوسف والقلعة الخصبة أمّا وسط جبال ورغة بالطويرف من معتمية نبر وعلى بعد بضعة كيلومترات من الحدود الجزائريّة فيوجد ستة مراكز اقتراع ويجري التنافس على 6 مقاعد لمجلس نواب الشعب القادم.
وتكون محافظة جندوبة المحاذية لمحافظة الكاف والواقعة هي الأخرى على الحدود الجزائرية ثالث المحافظات التي “استوطنت” في جبالها الجماعات الإرهابية ويبلغ عدد الناخبين فيها حسب احصائيات الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات مائة وستة وستون ألف ناخبا سيتوجهون يوم الأحد القادم الى مائتين وواحد وثلاثين مركز اقتراع للادلاء بأصواتهم لاختيار 8 نواب.
وتبقى الجماعات الإرهابية والتهديدات التي تشكلها القاسم المشترك بين محافظات القصرين والكاف وجندوبة خاصة مع اقتراب موعد الاقتراع وهو ما دفع بوزير الداخليّة لطفي بن جدّو مؤخرا إلى زيارة محافظتي جندوبة والكاف والاجتماع بالإطارات الأمنية هناك بهدف وضع خطط لتأمين نقل المادة الانتخابية في اتجاه مراكز الاقتراع الحدوديّة .
وبالعودة الى أجواء الحملات الانتخابية فقد انحصرت معظمها بمركز المحافظة وزيارة الأسواق الأسبوعية التي تشهد توافدا لسكان الأرياف والذين أكّد العديد ممن التقينا بهم غياب أغلب القائمات المستقلّة وعدد هام من القائمات الحزبية عن زيارة هذه المناطق الحدوديّة وهو ما جعل اختيارات واهتمامات السكّان تنحصر حول القائمات الانتخابية التي تمكنت من الوصول إليهم والتي لا يتجاوز عددها الأصابع.
ورغم أن سكان الارياف يمثلون (73) ثلاثة وسبعين بالمائة من عدد السكان بمحافظتي الكاف و جندوبة فإن هذا الثقل الديمغرافي لم يكن له التأثير الايجابي لدى معظم القوائم التي اكتفت بالمناطق الحضريّة وأحوازها وهو ما فسّرته بعض الاطراف بمحدوديّة موارد هذه القوائم الانتخابية أو ربّما افلاس البعض منها سياسيا وعدم جدية البعض الآخر.
وكالات

إرسال تعليق Blogger