وتتمثل مظاهر الأزمة في الدَعَوات المشبوهة التي تنادي بإحلال العامية واللهجات الدارجة محلّ العربية الفصيحة، وطغيان اللهجات العامية على اللغة الفصيحة في الحياة اليومية، وتوظيف الألفاظ الأجنبية في لغة التخاطب اليومية عند نفرٍ من المتفرنجين، وهم ناطقون بالعربية أصلاً، ويحلو لهم أنْ يُطعّموا حديثهم بتلك الألفاظ كعلامةٍ من علامات التحضر، والتحاق كثير من الأطفال العرب منذ نعومة أظفارهم بمدارس أجنبية يتعلمون فيها لغة ثانية قبل اكتمال نضج اللغة الأم لديهم، والأغاني الهابطة كلمة ولحناً وأداءً، والتي تُسَمِّمُ مسامع النشء الجديد، وتُفسد أذواقهم وتؤثر فيهم تأثيراً يزاحم أثر الكتاب المدرسي.
ومع أنّ اللغة العربية تبقى مُسيجةً منيعة بالقرآن الكريم، إلا أن الواجب يتطلب من العرب أفرادا ومؤسسات وحكومات المحافظة عليها سليمة نقية نطقاً وكتابةً، وذلك يستدعي: الإقبال على القرآن الكريم قراءة وتدبُّراً وحفظا، والإقبال على الحديث النبوي الشريف، فالرسول صلى الله عليه وسلم أفصحُ العرب، والعودة إلى الشعر الجاهلي وشعر صدر الإسلام الذي يُستشهد به، فهو بستان منوّع الأغراض والأوزان والقوافي، وتجد فيه كلُّ نفس هواها.
وقراءة هذا الشعر وفهمه وحفظه يشكل رصيداً لغوياً ومعيناً ثرّاً للناطقين بالعربية. وعدم إقحام الأطفال الصغار في أتون تعلم لغات أجنبية قبل أن تنضج اللغة الأم على ألسنتهم حتى تصادف العربية فيهم قلوبا خالية فتتمكن، وتنمية حُب العربية والاعتزاز بها في نفوس الطلبة، فيقبلون على تعلمها، ونبذ التفوه بالمصطلحات الأجنبية والتفاخر باستخدامها، ودعم اللغة العربية وجعلها لغة المعاملات الرسمية قي الدوائر الحكومية العربية، ومحاصرة الأغاني الهابطة وعدم السماح لها باختراق أفئدة النشء الجديد من خلال عدم إيجاد متنفس لها في الإذاعات المسموعة والمرئية، وملاحقة اللوحات واللافتات التي تعلق على المَحالّ التجارية وفي الشوارع وتنقيتها من الأخطاء، وتعريب الأجنبي منها، والتواصل مع المجامع اللغوية في الوطن العربي والاطلاع على جهودها ونشاطاتها في تعريب ما يستجد مِن مُصطلحات علمية، والاطلاع على النشرات والكتب التي تتحدث عن الأخطاء اللغوية الشائعة وتجنب تلك الأخطاء في الأحاديث اليومية.
د.محمد الجاغوت
إرسال تعليق Blogger Facebook