0
لقد رأت رابطة الأدب الإسلامي وهي تنظر إلى مناهج الفنون الأدبية في العالم الغربي، وما يتردد من أصداء هذه المناهج في العالم العربي بين تقليد يبتعد عن الأصالة، ويتنكر للتراث، وبين محاولات متعثرة لتجديد يعتوره مركب النقص، ويغلب عليه طابع التقليد، ولا ينطلق من أرضية صلبة أو خلفية فكرية سليمة متميزة، وبذلك يأتي ضعيفا هشا كأنه ريشة تعصف بها الريح حتى تكاد أن تهوي بها في مكان سحيق.
ومع إيماننا الوطيد بأهمية المناهج في النقد والإبداع فإننا نرى أنها لا ينبغي أن تكون أغلالا تحول بين الأديب الإسلامي، وبين الانطلاق في عالم الإبداع الفسيح..بل إنني أقرر أن المبدع العبقري الذي نكاد أن نفتقده في ميدان الفنون الأدبية المعاصرة هو الذي يدرس مختلف المناهج، ويختار منها أمثلها وأقربها إلى تصوره الفكري والعقدي والفني، ولكنه مع اطلاعه على مختلف المناهج، وتفضيل مايرى تفضيله منها فإن موهبته الفذة قد تتجاوز حدود هذا المنهج، ولكنه تجاوز المقتدر المتمكن، لاتجاوز الضعيف المتعذر.
ومن هنا ربما أسهم بنتاجه المتميز في نسج خيوط لمنهج جديد، أو في فتح آفاق في المنهج الذي ارتضاه لنفسه، وأخذ نتاجه به، وهذا مانجده لدى العباقرة إذ يلتزمون في أوليتهم بمنهج يرتضونه، ثم مايلبثون بعد التمرس والتمكن والعبقرية أن يتجاوزوا هذا المنهج فيما يبدعون، حتى يأتي من النقاد من يتخذ من إبداعهم منهجا جديدا في الفن الذي أجادوه، وجددوا فيه. وفي هذا فليتنافس المتنافسون الذين يغنون الأدب، ويغنون الإنسانية بعطاء أصيل في ذاته، ومبشر بمنهج يأتي من بعده، ويستوحي من نتاجه، وهذا ماكان وسوف يكون في مسيرة الإنسانية في عالم الإبداع والفنون.
 د. عبد القدوس أبو صالح

إرسال تعليق Blogger