0
غريب ما يحدث في رتوشات السياسة العربية الخفية التي نراها تارة بين منتهية الصلاحية لما يسمي بإيقاف مهزلة حركية الربيع العربي وبين منشطة ومسيرة له بأقلام شعار تجسيد الديمقراطية في الدول العربية،جدير بالذكر لأن نتفكر اليوم كيف سقط زين العابدين الرئيس الأسبق لتونس والذي خاض حكمه منذ أيام استقلال هذا البلد،فيما انقضت حباله بمرور مرحلتين في فترة وجيزة،راهنت مدتها اربع سنوات من سند حكم راشد الغنوشي و استخلافه اليوم بالقائد السبسي، مقارنة بعيار زماني للحكم السابق،فكم هي باردة أجواء غضب هذا النشاط المجتمعاتي ضد ايديولوجيات و أجندة خفية يعتقد في أنها خارجية،لا تلبث برهة حتي تعيد إشعال الفتنة اخمدها شجعان الثوار، مثلما صار وان حدث هذا في مصر،فمن كان يضن ليوم، أن أم الدنيا ستمضي بثلاث مراحل انتخابية خلال اكثر من أربع سنوات من انطلاق ثورتها ،أي عكس التيار التي كانت عليه في سابق عهدها الذي أمتلكه حسني مبارك لمدة ثلاثين سنة انته نصابها،بإعتلاء العرش من طرف حضرة السيد "مرسي" الذي انقلب على عاقبيه بخسارة الملك ،بعد انقلاب عسكري حاز به اللواء "عبد الفتاح السيسي" سيطرته على سلطة الحكم،ليجد هذا الأخير نفسه أمام رهان صعوبة تحقيق الديمقراطية و بثورة جديدة تخللتها تفجرات و اعلان حالة طوارئ في كامل ارجاء البلاد.
هذه الكواليس التي تجري احداها تلوي الأخرى بشكل يرى فيه على أنه لأمر مدبر من أيادي خفية،وما خفي أعظم منها، لأننا اليوم أصبحنا للأسف أمام فرضية التغير الذي لم يجد مكان يلبث فيه لتأسيس قوامه،بل يزداد في كل مرة الوضع تعقيدا و تأزما بتوابل الصراع على المملكة السلطاوية لدول الربيع العربي، التي انتفخت بضيق قدرة إيجاد مرشحين مؤهلين لتولي قيادة أمم هذه البلدان في سياق محاولة إخراجهم من عمق الزجاجة التي صاروا فيها تأهين من غياب الديمقراطية التي توعدتهم بها تلك الأحزاب المتربصة بهم لفائدتها الخاصة أو لعوامل خارجية،بدليل قاطع وهو لحد ساعة لم تجد اية دول من هذه الدول التي جرت فيها إحداثيات الربيع العربي أمانا لثورتها بعد أكثر من أربع سنوات من انطلاق مروج هذه الثورات ،ورغم تعدد الأطراف المتدوالة على سلطتها إلا أنها باقية على نفس الحال.
إذن ، هو شتاء حركي بارد قادم لامحال منه ،للعصف بمنظومة هذه الدول العربية،التي لا تزال في عناد حب الإستلاء على السلطة بأبواق مزيفة باسم تقديم الديمقرايطة الأفضل في مداها العربي،لكن هيهات من أيام أخر ستعجل من نصاب رياح التغيير في هذ الأوطان،كون المحدقين بها هم أصلا رأس الفتنة فيه،والناجح فيه هو الأجدر بمكاسب برامجه الحكومية التي سيقدمها لهذه الشعوب الطامحة لعهد جديد تخلو منه ملامح البروقراطية و سياسة توريث الحكم الإنفرادي بالسلطة،وان كان لنا مقصد الكلام مما سبق،هو موافقتنا لقول الشاعر: إذا الشعب يوما أراد الحياة... فلا بد أن يستجيب القدر.
بقلم رئيس التحرير
بـلال حـداد

إرسال تعليق Blogger