0
توقفت كثيرًا قبل البدء في كتابة هذا المقال، وترددت كثيرًا قبل كتابته لئلا أحسب بأني خضت في مجال سيراه البعض صعب المنال على النساء وحكرًا على الرجال فقط، ولكوني امرأة، فإنّ الكتابة في هذا الموضوع الذي أنتم بصدد قراءته الآن، استدعتني لها الأوضاع والظروف الراهنة التي نراها ونسمع عنها في وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة ووسائل الاتصال الاجتماعي، والتي نعيشها مع ما فينا من أحزان وهموم وآلام بكل مؤثراتها السلبية، سواء كان ذلك على المستوى العربي، أو الدولي والعالمي، بتناولها وطرحها في هذه السانحة.
فما يحدث الآن في المنطقة من حروب وانفلات أمني عارم، وفوضى وتخريب وأعمال إرهابية لا تحسب على الإسلام، إلى جانب التطرف والاختطاف والقتل والنحر وجز الرؤوس، وتواجد جماعات مسلحة سمحت لنفسها بالخروج على الشرعية الدولية، وتعاليم رب السماوات والأرض، واستباحة الحرمات ودماء الأبرياء وقتل النساء والأطفال، لهي حوادث جسيمة بالغة التعقيد والخطورة، تنذر بتزايد الخوف والقلق من أن تصلنا حيث نحن، فما تُعاني منه الآن بعض الأقطار كانت له بدايات.
لا أخفيكم أنّنا بتنا نخاف في عقر دارنا، من أن نُصاب بأذى من جراء ما يحدث هنا وهناك، وأصبحنا في قلق مستمر من أن ينالنا شيء من الأعمال الإجرامية والإرهابية الكبرى، ومن أنّ الأفعال الشنيعة التي ما أنزل الله بها من سلطان، والتي ترتكب بكل جرأة وعلانية ووضوح على مرأى ومسمع من النّاس، تلقي بظلالها علينا، فأصبحنا مجبرين أن نلزم بيوتنا ولا نغادرها إلى دول ما، في وقت تساورنا فيه الشكوك والظنون من أنه ممكن أن توقفنا جماعات مسلحة لو ابتعدنا عن أوطاننا، لتجبرنا على فعل ما تريد، ولتفعل بنا ما تريد، وتأتي تلك الهواجس في وقت نعلم بأن هناك آيدولوجيات ومنظمات، توجه رسائلها المضللة إلى الشباب من أجل أن يغرر به لكي يجرونه للانخراط والانضمام في التنظيمات الإرهابية، والمجموعات المسلحة الباغية المنحرفة.
هناك مثل عُماني سمعته من أهالينا يقول "إذا جارك يحسن فأنت بل" يعني إذا جارك يحلق شعر رأسه لسبب متعارف عليه، فأنت بلل رأسك بالماء لكي تتجهز لحلق شعره شئت أم أبيت، وهذا يعني أن الأحداث التي تعصف بالعالم هنا وهناك، والتي جغرافياً هي قريبة من بلدنا، إذا لم تتخذ التدابير الأمنية اللازمة لتعزيز حماية الوطن في الداخل وعلى حدوده، ولمواجهة أيّ تدخل طارئ وسافر يُريد ببلدنا شرًا، فإنّ الذين هم يعيثون في الأرض فسادًا الآن، لن يهدأ لهم بال دون الانتشار والوصول إلى كل مكان سيجدونه مهملا أمنيًا، وضعيف حراسة وعدة وعتادا، ويمكن بسهولة اختراقه والاستدارة صوبه.
حقيقة لم أشأ أن أدلف بنفسي لهكذا مواضيع، ولم أكن أخطط للكتابة وطرح ما في نفسي من غضب على ما يحدث في المنطقة من مجازر وحروب، خاصة وأن هناك مجابهة لما يحدث بصمت دولي، وعدم اكتراث من الساسة وأصحاب القرار في بعض الدول لما هو واقع، وحاولت أن أكون هادئة ومتمالكة لأعصابي بسبب ما نشاهده ونسمعه، وحاولت أن أصمد وأصمت وفي داخلي كثير، إلا أنني لم أفلح، فوجدتني أعيش ضيقا نفسيا شديدا، ووجدتني أكبل بحالة نفسية لا يعلمها إلا الله جراء ما يحدث ونسمع ونشاهد، وعلي أن اكتب حتى ارتاح، وإلا سأنفجر في داخلي، ففعلت وهذه سطوري بين أيديكم.
إنّ ما يدور ويحدث الآن في عالمنا العربي والإسلامي والدولي من صراعات وفتن واقتتال واعتداء على الأديان والحريات والمعتقدات والآمنين وغير ذلك، أصبح يترسخ في عقول شبابنا والجهلة من عوام الناس وخواصهم ويتأثرون به، وحتى الأطفال والقاصرين واليافعين الشباب، أصبح يصلهم كل شيء إلى جوالاتهم بسهولة ويسر، فالمشهد العربي خاصة والدولي عامة، بات شبابه يستجيب لتلك النداءات البغيضة الحاقدة الكافرة المضللة التي تستهدف المقدرات وأمن الأوطان والشعوب، وأضحى ما يرونه ويسمعونه بمثابة محفز لطاقاتهم غير الناضجة، والبعض منهم وصل به الحال إلى التناغم مع لغة الدم وجز الرؤوس والذبح، فسبحان الله أية مدارس ومشارب ومعتقدات هذه التي نتلقاها والتي تؤمن بالغدر والخيانة والقتل..
أتذكر أيام كنّا أطفالا صغارا لم نكن نسمع ونرى ويقال لنا عن مثل ما يحدث اليوم في المنطقة، فكانت عقولنا صافية ليس بها ما يلوثها ويشحنها ويعكر صفوها، وكانت نفوسنا بخير لأنّها لم تكن تعرف وتسمع عن جز رؤوس، وحرق بشر وهم أحياء، أما الآن فالوضع مختلف، ونسأل الله السلامة والعفو والعافية في الدنيا والآخرة.
وهنا أتساءل هل يعقل أن مجموعة وشرذمة من النّاس وزمرة من العاطلين والفاشلين والجهلة بالقرآن وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، تفعل في عالمنا المعاصر هكذا، وتعيث في الأرض فسادا وظلمًا وتعنت وخرابًا، وأن القوى العظمى وحلفاءها وشركاءها الاستراتيجيين ينتظرون ويتفرجون حتى يحدث بهم وبمواطنيهم ما لم يكن متوقعًا وفي الحسبان.
سارة بنت علي البريكية/ الرؤية

إرسال تعليق Blogger