0
منذ تم الاعلان عن توقيع اتفاق المصالحة بين فتح وحماس وخروج حكومة الوفاق الوطني برئاسة الحمد لله الى النور ، وجميع الاصوات تتوقع الفشل او على الاقل تعثر المصالحة ، ويرجع تشاؤم المراقبين والمحللين الى معطيات واقعية من بينها خلافات استراتيجية في توجهات الفصيلين كانت ستؤدي الى ظهور خلافات تتعلق بكيفية ادارة عدد من الملفات المهمة ،
وأيضا الى صعوبة استقرار اي حكومة في ظل الاجراءات العقابية التي فرضتها اسرائيل بهدف افشال المصالحة وإعادة الوضع على ما كان عليه .
لقد حاولت اسرائيل جاهدة ابراز الخلافات بين الطرفين في اكثر من مناسبة اخرها قضية المستوطنين الاسرائيلين المفقودين الذين تم العثور عليهم لاحقا امواتا ، فقضية التنسيق الامني عادت الى واجهة الاهتمامات مع تعهد السلطة الفلسطينية على المشاركة في البحث عن المفقودين ، وقضية التنسيق اثارت ردود فعل شعبية غاضبة اضافة الى عدم تقبل ذلك من قبل حماس التي اعلنت في وقت لاحق عبر بيان لها انه لا يجوز التعاون امنيا مع قوات الاحتلال ، ايضا تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس المتعاطفة مع المستوطنين اثارت استهجانا شعبيا لسبب بسيط ان معاناة الشعب الفلسطيني اكبر و اسوأ تحت وقع الاحتلال وممارساته الهمجية ، لذلك فهم البعض ان ذلك اهانة لمشاعر الفلسطينيين ، كما استغلت الصحف وبعض الشخصيات السياسية الاسرائيلية هذا الموضوع للترويج لفكرة ان السخط الشعبي سيتحول الى انتفاضة جديدة ستطيح بالرئيس وان هناك مؤامرة تديرها حماس في الضفة الغربية ، رغم ان الحقيقة البسيطة تقول انه لو كانت هناك انتفاضة قادمة فهي على الارجح لن تهدد احدا سوى اسرائيل كما ان طابع الانتفاضات عادة يكون شعبيا وعفويا ولا قدرة لأي فصيل سياسي على توجيهه او السيطرة عليه .
ما لم ينتبه اليه احد في تصريحات الرئيس عباس هو دفاعه عن حماس فقد اشار الى انه لا يوجد دليل على انها قامت باختطاف المستوطنين الثلاثة ، في الوقت الذي حمل فيه نتنياهو المسؤولية كاملة لحماس وبدا يطلق تهديداته و توعداته ، واقرب تفسير يرد للذهن هو ان الرجل ضاق ذرعا بالمصالحة واستنفذ كل الحيل لإفشالها فلم يبق لديه سوى القضاء على حماس ، وعلى الرغم ومن سخافة الفكرة وعدم القدرة على تطبيقها عمليا لان حماس صمدت رغم الحصار والاستبعاد الدولي واستهداف قادتها والعدوان على غزة ، الى ان نتنياهو مضى قدما في تنفيذ فكرته وقد اصبحت لديه ذريعة كاملة بعد العثور على جثث المستوطنين .
الاسخف هو ان تجد الاعلام العالمي يتباكى على المستوطنين الثلاثة لكنه لا يعرف شيئا عن معاناة الفلسطينيين اليومية تحت الاحتلال ، ففي خلال عمليات بحث قوات الاحتلال الاسرائيلي عن المستوطنين تم انتهاك حقوق الفلسطينيين جهارا من هدم بيوتهم وتخريب ممتلكاتهم الى حملة اعتقالات عشوائية الى القتل فضلا عن حملات تحريضية اخرى تطالب بقتل الفلسطينيين وحرمانهم من حقوقهم المعيشية اليومية كالماء والكهرباء بهدف الضغط عليهم والثأر ايضا ، وقد اثمر هذا الجو التحريضي قتل الطفل الفلسطيني ابو خضيرة بعد اختطافه من قبل مستوطنين ، وعدة عمليات تخريبية قام بها المستوطنون ضد الفلسطينيين .
الاهداف الثلاثة التي وضعها نتيناهو لنفسه في هذه المرحلة هي اولا ايجاد المسؤولين عن اختفاء المستوطنين وموتهم ، القضاء على حماس في الضفة ، والقضاء عليها في غزة وهو ما يتم تنفيذه بالفعل لسببين الاول هو ان القضاء على حماس اسهل من انتقاد المصالحة او افشالها_ على الاقل كما يتصور نتنياهو _والثاني هو التغطية على فشله في قضية البحث عن المستوطنين وتهدئة الرأي العام الاسرائيلي من خلال ثأر ضخم دموي ، خصوصا بعد مطالبة بعض الشخصيات الاسرائيلية باستقالة نتنياهو وقيام اخرى بنقد سياساته واعتبار ما جرى نتيجة لها .
ايمان موسى النمس 

إرسال تعليق Blogger