رأيت
منذ
أيام رؤيا غريبة , و بالضبط ليلة الإعلان عن الحكومة الجديدة , و بُعـيد
تتويج مولودية الجزائر بكأس الجمهورية الجزائرية , و باقتراب الموعد الكروي
المنشود كأس العالم 2014 المقام بالبرازيل , رأيت في منامي أمورا عجيبة , و
يصعب علي تصنيف
ما رأيتُ , هل هو "ما يرى النائم" , أم أنه حُـلم , أم أنه "تخلاط"
كما يقول المجتمع الشّعبي الجزائري بأن الذي يأكل كثيرا قبل النوم و ينام
يرى أمورا غريبة في منامه تصنّف ضمن خانة العشوائية و" التخلاط
"
, غير أنني أتذكر أن أكلي لم يكن كثيرا ذلك اليوم , كما أن هناك أيضا
أقوال
بأن الذي يكثر في التفكير في حدث ما يراه في منامه , و أردت أن أقص في هذه
المقالة
رؤياي على القرّاء الأعزاء , غير أنه من واجبي أن أنقل الرؤيا كما هي
دون تحريف و تزييف , و دون زيادة و نقصان , و عن
ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( من تحلم
بحلم لم
يره , كلف أن يعقد بين شعيرتين و لن يفعل ... إلى آخر الحديث ) رواه
البخاري , و
عن ابن عمر رضي الله عنهمأ قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من
أفرى
الفرى , أن يُري الرجل عينيه ما لم تريا ) رواه البخاري , لذلك يجب أن أنقل
الرؤيا
كما رأتها عيني دون تحريف , ثم سأحاول تأويلها على طريقتي .
رأيت أنني أنا و عبد المالك سلال الوزير الأول منذ مدة , و رئيس الحكومة
الذي استقال لتسيير الحملة الانتخابية للمرشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة و عاد
إلى منصبه ما إن أكمل المهمة بنجاح , و التي توجت بعهدة رابعة للسيّد عبد العزيز
بوتفليقة , رأيت أننا "نلعب" كرة القدم , و أنني كنت و هو في نفس الفريق
, و لم أرى نفسي إلاّ و أنا ألعب المباراة , و الكرة تأتيني من عبد المالك سلال , و
كل من في الملعب من حوالينا ينادي إلعب , مرِّر , إلعب ... فأعدت له الكرة و حاصره
الفريق الخصم من كل جانب , فأعاد إليّ الكرة و لعبنا "التيكي تاكا"
طريقة لعب برشلونة , و معروف عني معارضتي
لنظام لعب برشلونه المسمى " تيكي تاكا " و هو المبني على التمريرات
القصيرة الوقت و المسافة , و تحبيذي للضربات القوية في الملعب , و إعجابي بغريمه
الأزلي و الأبدي ريال مدريد و طريقة لعبه المتوازنة بين الدفاع و الهجوم فيما يخص
كرة القدم , و في نهاية الـتمريرات التي تبادلناها آلت الكرة إليّ منفردا بحارس
المرمى , فانتظر الكل تسديدة قوية مني نحو المرمى لأنها طريقة لعبي , و رأيت الخوف
بين عينيّ حارس المرمى , سدّدت الكرة , لكن ليس بالقوة التي انتظرها الجمهور مني ,
و بينما هي متّجهة نحو المرمى انحرفت في آخر المطاف , و لم تدخل المرمى و كانت
خارج الإطار , فابتسمت و التفتت إلى سلال قائلا : كادت تدخل , فقال لي : لماذا لم
تضربها بقوة , و بالعبارة الشعبية قلت له "نحوس نمركيها بالفن " , و قلت
له أنني كنت قادرا على تسديد الكرة بقوة و تسجيل الهدف بسهولة , لكنني أردت تسجيله
بليونة , و لو أسددها بقوة لذهبت هي و
الحارس على حد سواء و أنت تعرف قوة تسديداتي ...
ابتسم
سلّال و قال لي : في المرة القادمة اضربها بقوة و لا تكترث للحراس , و أكملنا
أطوار المباراة , ثم تماما بعد أن رفع الحارس المرمى الكرة استقبلها مباشرة عبد
المالك سلال , و تلاعب بدفاع الخصم و سجل الهدف بقوة , فراح الكل يهتف و يصفق , و
الجمهور يحيي عبد المالك سلال !
و
مما رأيته أننا كنا نلعب "دومي جور" أي نصف لعبة , و المُراد من هذا أنّنا
كنا نتنافس مع الفريق الخصم للتسجيل على مرمى واحد , و أن المرمى لم يكن له إطار
إذ لم تكن له عارضة و قائمان مثل "المرامير" , لكن كانت تحدّه الحجارة
يمينا و يسارا , و أيضا أنّ الملعب ملعب شعبيّ و هو رصيف أكثر منه ملعب , و قد حفت
قدماي أنا و أبناء الجزائر العميقة و نحن نلعب في أمثال هذا الملعب , فجل ملاعبنا
أرصفة الشوارع , و معظم "مراميرنا" الحجارة و ما شابهها , و مما رأيته
أن سيادة الوزير كان يلعب بلباس رسمي و ربطة عنق و ليس ببدلة رياضية كما هو معروف ,
فكرة القدم لها لباس خاص , غير أن سلال كما رأيت فيما رأيت يلعب بلباس رسمي , فهل
سلال يربط بين الجد و الهزل حتى في المنام ؟ أم أن له طريقته الخاصة في كل شيء ,
حتى في كرة القدم ؟ !
و رأيت أيضا أنه كان يروض الكرة بطريقة جميلة
, و يستقبلها بمهارات عالية , و أن واحدا من اللاعبين همس في أذني و قال لي : أنتم تلعبون جيدا مع
بعض , هذا و قد استغربنا أنا و هذا اللاعب كيف لوزير أن يتواضع لشابين و يلعب
معهما , و أعلمناه بذلك فقال لنا : أنا لا أتكبر عليكم , و لست كذابا , و ما كدنا
نكمل حديثنا , حتى وجدت نفسي قد أفقت من نومي , و انزعجت بشدة لأنني لم أكمل حديثي
معه و لو كان هذا الحديث في المنام , و تعجبت لمّا أفقت في وقت مبكر , فمعروف أن
الشباب الجزائري ينام إلى وقت متأخر نسيانا لهمومه و انشغالاته ؟!
و ما رأيته يحاكي الواقع إلى حدٍّ بعيد , إذ
أنّني أنا الشاب الجزائري الذي أحب وطني كثيرا لا يمكن أن أرى عبد المالك سلال الوزير
الأول في جزائر العزّة و الكرامة إلّا عبر التلفزيون , أو في الأحلام مثلما حدث
تماما , و لا يمكن أن أتكلم معه بتاتا , أو أن أقابله بأي شكل من الأشكال , فقط
الفنانون و المغنون هم من يستطيعون ذلك كممثلين للشباب نيابة عنا! و لا يمكن أن ألتقي معه إلا في مكان واحد هو ميادين الكُرة
التي يطل علينا مسؤولونا كلّ عام منها , و لعل هذا تفسير صحيح لما رأيت , فسلال هو
من سلم كأس الجمهورية للاعبي مولودية الجزائر, و درع البطولة لإتحاد العاصمة , و
لربما هذه الرؤيا تحمل لي نصيحة و هي اتركك من السياسة و لا تقترب منها , و عد إلى
الرياضة و كرة القدم, و بذلك تجد نفسك و عبد المالك سلال تجتمعان مع بعض , و تلعبان
لنفس الفريق !
و ما حدث واقع إذ أنّ عبد المالك سلال قال
بأنه سيمد يده إلى الجميع للعَمل معهم و
لن يُقصى أحد من صيغة الجمع هذه , و هذا ما رأيته بالضبط , إذ مرّر لي الكرة في
الملعب و أمرني بالتسديد , و كنت أتبادل معه الكرة و نستمتع بذلك رغم أسلوب لعبنا
المختلف !
و لعل تفسيرها أيضا أن
عبد المالك سلال مصيب و أنا مخطئ , إذ أنه سجل الكرة بطريقة جميلة , بينما أنا لم
أسجلها لأنني توانيت في ضربها بقوة و أشفقت على الحارس من باب العاطفة , ففرح
الحارس في آخر المطاف و لم أسجل أنا هدفي ...
و لعل تفسير أننا نلعب
في نفس الفريق هو ما أريد أن يحدث فعلا , لأنني كاتب مقالة "أبناء الجزائر يد
واحدة تصفع و تصفق" , و التي تحث أبناء الجزائر على احترام بعضهم البعض و
ووضع اليد في اليد مهما اختلفت رؤاهم , و هذا هو الرابط الوحيد بيني و بينه , و هو
أننا نختلف في الرؤى و أن كلانا أبناء الجزائر , و أيضا لعلها مدلول على تواضع
سلال و إصراره على مد يده للجميع إذ قال لي أنا ألعب مع الجميع دون تكبر ...
و لعل
سبب رؤيتي له بلباسه الرسمي دلالة على جديته في العمل و صدقه معي و مع كل من
يتعارضون معه , و نيته في أن يسلك كل المسالك لإيجاد حلول للأزمات و المشاكل , و
لعلها عكس ذلك تماما بأن يكون قد أخلط بين الجد و اللعب , أو أنه أعطاني درسا كيف
تلعب الكرة بلباس رسمي و تسجل الأهداف رغم حاجز اللباس ؟! و لربّما لديها تفسيرات
أخرى عديدة و كثيرة , هذا إن لم تكن كما ذكرت مجرد تخريفة أتت نتاج تشوش عقلي هذه
الأيام , أو أنني أكلت أكلة ثقيلة قبل النوم !
غير أن ما تمنيته بصدق بعد
أن قُتلت التمنيات و الأحلام الأخرى , و انحسرت في أحلام أضغاث الأحلام , هو لو أن هذه الرؤيا اكتملت فقط , لأكمل حديثي مع عمي
عبد المالك ( من باب الإحترام لأن الشباب
الجزائري مهذب و يحترم كل من يكبره سنا ) , و سأقول لكم ما كنت لأقوله لعمي عبد
المالك سلال , أو لربما تحدث المعجزة و يصِل كلامي إليه , ما كنت لأقوله هو التالي
:
-
السياسي تماما كلاعبي الكرة , فهناك من يلعب
لإمتاع الجمهور و لأجل فريقه و لأجل و قميصه بذكر الفرق و قمصانها و تعدّدها , و
هناك من يلعب لأجل مصلحته الشخصية و لملمة
الأموال من هنا و هناك من الفرق المتنوعة , فتجد ولاء الأول للإنجازات و الذكريات
, و الثاني للأموال و الماديات و لو على حساب التتويجات و الإنجازات , و السياسي
"البزناسي" تماما كالصنف الثاني , ولاءه للأموال و المصالح الشخصية , و
لا أهمية عنده يوليها للجمهور , فقط يمتطيه للوصول إلى مآربه , و أنا من الصنف
الأول , ولائي للفريق الذي ألعب له رياضيا , و ولائي لنظيره سياسيا , و لا أهمية
عندي لمال أو غيره , و إنما للجمهور وحده , لأن أنجح اللاعبين على مر التاريخ ,
كانوا من متعوا الجمهور , و صنعوا لأنفسهم بينه اسما نظيفا , فتذكرهم و مازال
يتذكرهم الجمهور , لأنهم صنعوا التاريخ , و كانوا مثالا في الوفاء ...
-
أنني لا ألعب إلّا
لفريق واحد اسمه الجزائر , و لجمهور واحد اسمه الشعب الجزائري , و لفئة تشكل أغلبيته
الساحقة و هي فئة الشباب و هي الأكثر وجودا في الملاعب بشكليها , ملاعب الكرة و
ملاعب الشوارع و المجتمع الجزائري عموما كما هو معروف , إذ أن الشباب يشكل
الأغلبية الساحقة في المجتمع الجزائري , و
أن استمتاعها و فرجتها هي ما يهمّني , و سعادتها سعادتي و حزنها حزني , لذلك أنافح
عنها , هذه الفئة التي تعاني كثيرا في الجزائر ...
-
أنني لا أنافق لأي فريق
آخر غير الفريق الجزائري ...
-
أنني أحب الجزائر رغما
عن الجميع , و أن حبي لها لا تحصره حاصرة ...
-
أنني أكترث للجمهور ,
لذلك أوصيك خيرا به يا "عمو" عبد المالك سلال , و أتمنى أن تفرحه بصدق
و هذه الخلاصة الكاملة لما رأيته في منامي و
لم أضف عليها شيئا , و قد استغربت كما سيستغرب القراء من رؤية مثل هذه ,
فمدلولاتها كثيرة , و أرجو من مفسّري الأحلام أن يصنفوها في مكاني إلى أي صنف
تنتمي , هل هي من الأحلام , أم الرؤيا , أم التخريف و "التخلاط" , أم
أنها أضغاث أحلام , أم أضغاث أضغاث الأحلام , بعد أن سرقت أحلامنا و دُكدكت آمالنا
و طموحاتنا في جزائر العزة و الكرامة ,و بذكر كرة القدم , حظ
موفق لمنتخبنا الوطني الجزائري بإذن الله , فلا تفصلنا على المونديال سوى أيام
قليلة ...
من قلم : جمال الدين الواحدي
إرسال تعليق Blogger Facebook