0

وأنت تنقل طفلك الصغير إلى المستشفى ولا تجد عائقا يحول بينك و بين إسعافه لا البعد في المسافة ولا نقص الوسائل الطبية ولا الوقت يهدد حالته المرضية رغم ذلك تكون ساخطا على الخدمات التي تقدم لإسعافه فثما أمر غير طبيعي في حياتك النفسية و العقلية لأنه بعد مشاهدتك و اختبارك لأسوأ حالات غيرك ( انعدام أدنى شروط الحياة في الجزائر العميقة) تتحرج من ذاتك وتعود مؤنبا ضميرك راضيا بالمتاح في كونك من المحظيين بكثير النعمة التي يفتقدها الكثير


ليس غريبا و أنت مسافر اصطدامك بالطريق مقطوع يصر المحتّجون أنه لن يفتح حتى تقبل كل المطالب المعقول منها والغير معقول، ترى المأساة تتحول بعد ذلك إلى فوضى و الا أمن و اللا قانون؛ مصالح الناس مؤجلة وأوقاتهم معطلة مئات المركبات المركونة وحاجيات المواطن على قارعة الطريق تنتظر العبور وبينهما كمشة من الأفراد سنحت لهم الفرصة لابتزاز المواطنين في مالهم وسلعهم.

مصالح الأمن تتهم بالغياب و الدولة بالعجز عن تسوية الخلافات و المطالب وحين تتدخل الدولة بالقوة العمومية يتنصل المضربون عن مسؤوليتهم و تصير الوشاية سيدة الموقف ويتخلى الجميع عن القضية و الحقوق والمطالب بحجة مصلحة " الجميع" والكلمة التي تخرج الجني من القمقم "المصلحة العامة" و بين القول و الفعل تنمو الأنانية و يزدادا خطرها أكثر.

الدولة تغض الطرف فيقال: " غياب الدولة" ويقول المتنورون: " هي سياسة منتهجة لفرض التوازن الداخلي". تتكلم النخبة و لا يسمع لها صوت لأن معظمها يحيا خارج واقع المجتمع في لامبالاة شرسة بمنطق " الدهماء صماء فهي لا تفقه " و بذلك لا يمكن دفع الضريبة لأجلها فذلك الانتحار بعينه وبمنطق الطمع الأكثر وضوحا فهو البحث عن الانتفاع من خلال الامتيازات و يذهب الصامت إلى الجحيم. النخبة عاجزة وحلها سحري بإعطاء الحق لنفسها بكونها مهمشة من كل أطياف المجتمع من حرب الدولة ولا مبالاة العامة و المجتمع إلى منطق المواطن الذي يتهمها بالخيانة و الرضا بالفتات ومن أجل المناصب تؤله أسماء لتصير آلهة و المتاجرة بقضايا المستضعفين الاجتماعية و انشغالاتهم اليومية.

بين هذا و ذاك( المواطن و النخبة و الدولة) تتكاثر الأزمات و تتراكم الأحقاد و الأمراض وتسقط المسؤولية و الواجب الأخلاقي ليتحول المجتمع في نهاية المطاف إلى غابة القطيع الهيمنة فيها لصاحب القوة أي كان مصدرها شرعي أو غير شرعي وبذلك يختل التوازن داخل جسم المجتمع و يُكبح القانون بلجام الأنانية و ضياع الحقوق وهذا ما نراه يتأكد يوما بعد يوم، أظن نحن بحاجة إلى إعادة التفكير في مفهوم المواطنة الحقيقي الذي يجعل الناس يقفون جنبا إلى جنب لأجل احتواء أزماتهم و الحفاظ على كيان الدولة بالنقد و تحمل المسؤولية وإعطاء القدوة بالبديل في تغيير ما بأنفسنا لأجل خدمة الصالح العام و رص الصفوف لأن الخطر تحاصره مسافة قاب قوسين أو أدنى
الكاتب الجزائري خالد ساحلي

إرسال تعليق Blogger