0
تونس - كشفت مصادر سياسية أن حركة النهضة الإسلامية الحاكمة "فشلت" في إبرام صفقة سياسية لاقتسام كعكة السلطة مع حزب حركة نداء تونس بعد جهود بذلتها قياداتها من أجل إنقاذ نفسها من جهة وتهميش الأحزاب اليسارية والعلمانية من جهة أخرى.
وقالت نفس المصادر إن قيادات من الحركة الإسلامية الحاكمة أجرت خلال الفترة القليلة الماضية اتصالات ولقاءات مع قيادات من حزب نداء تونس وعرضوا عليهم حقائب وزارية هامة مقابل موافقة الحزب على إطالة الفترة الانتقالية ومساندة مواقف النهضة خلال الحوار الوطني بما فيها دعم مرشحها لرئاسة الحكومة أحمد المستيري.
غير أن نداء تونس الذي يتزعمه السياسي المخضرم الباجي قائد السبسي رفض عرض حركة النهضة واعتبره محاولة للالتفاف على مسار الحوار الوطني وعلى مطالب المعارضة المشروعة باستقالة حكومة علي العريض وتشكيل حكومة كفاءات وطنية غير متحزبة توكل إليها مهمة إخراج البلاد من الأزمة الخانقة التي تتخبط فيها منذ أكثر من شهرين.
وقال رئيس الهيئة السياسية العليا للحزب الجمهوري أحمد نجيب الشابي إن جهود الصفقة الفاشلة قادها وسطاء قريبون من حركة النهضة مع آخرين قريبين من نداء تونس في محاولة يائسة لقطع الطريق أمام المسار السياسي الذي تنتهجه تونس بعد الاتفاق على خارطة الطريق

وأكد الشابي أن "وسطاء منهم أصحاب مؤسسات إعلامية ورجال أعمال وأطراف مقربة من حركتي النهضة ونداء تونس قاموا بالعديد من المساعي هدفها الوصول إلى اتفاق بين الحركتين بموجبه تقع إطالة المرحلة الانتقالية بين السنة والثلاث سنوات واقتسام السلطة بينهما".
وجاءت هده التصريحات وسط حديث يتداوله السياسيون مفاده أن راشد الغنوشي اقترح على قائد السبسي تولي منصب رئاسة الجمهورية مقابل أن تحافظ النهضة على منصب رئاسة الحكومة وأن يبدي نداء تونس مرونة تجاه مواقف النهضة خاصة في ما يتعلق بإطالة فترة حكمها.
غير أن قائد السبسي الذي لا يثق في الغنوشي رفض اقتراحه واعتبره محاولة لانقاذ النهضة من أزمتها من جهة ومحاولة لتجريد نداء تونس من المصداقية السياسية والشعبية التي نجح في بنائها بعد أن انتصر إلى المشاغل الحقيقية للتونسيين وساند الأحزاب اليسارية التي تطالب حكومة النهضة بالرحيل.
وعلى الرغم من المسافة السياسية بين نداء تونس باعتباره من أحزاب الوسط الليبرالية وبين الأحزاب اليسارية العلمانية إلا أن مواقف التيارين تلتقي بخصوص حركة النهضة إذ يحملانها مسؤوليتها في الزج بالبلاد في أزمة منذ يوليو/تموز إثر اغتيال المعارض العلماني محمد البراهمي.
ويرى نداء تونس أن النهضة فشلت في إدارة شؤون البلاد نتيجة إصرارها على احتكار الحياة السياسية وتهميش مختلف القوى الديمقراطية ناهيك عن تسامحها مع الجماعات السلفية الجهادية التي تحولت إلى خلايا إرهابية مسلحة باتت تهدد الدولة والمجتمع.
ويبدو أن حركة النهضة التي تجاهر بالمكابرة تمر خلال هـذه الفترة بوهن وضعف شديدين حتى أنها وجدت نفسها معزولة خلال جلسات الحوار الوطني في مواجهة معارضة قويت شوكتها. ويمثل حزب نداء تونس أبرز القوى السياسية المعارضة التي باتت تخشاها.
وخلال الأشهر الأخيرة حاول راشد الغنوشي استمالة رجل بورقيبة العنيد قائد السبسي مستجيرا به من القوى اليسارية التي ضيقت عليه الخناق وعقد معه أكثر من لقاء قال السياسيون إن الغنوشي طلب تحالفا إستراتيجيا لكن السبسي رفض أي تحالف مع رئيس الحركة الإسلامية الحاكمة التي تدحرجت شعبيتها إلى الحضيض وسط غضب سياسي وشعبي متزايد.
وتقول قيادات حزب حركة نداء تونس إن جهود النهضة لإبرام صفقة معها لم تُمن فقط بالفشل بل عززت معارضتها لحركة أصبحت منبوذة من قبل التونسيين مشددين على أن إصرار الحزب على تنفيذ خارطة الطريق التي يرعاها الإتحاد العام التونسي للشغل يصب في جهود المعارضة باتجاه رحيل الحكومة الحالية وتشكيل حكومة كفاءات وطنية غير متحزبة قادرة على معالجة ملفات ساخنة وفي مقدمتها التصدي للإرهاب وحل المشكلات الاجتماعية والرفع من أداء الاقتصاد.
ميدل ايست أونلاين

إرسال تعليق Blogger