اخر الاخبار

0
ليست مشكلتنا بالجزائر، في تعليم الطفل حقوقه، أو إكساب المرأة القدرة على الدفاع عن نفسها من خلال تعريفها بالقوانين التي تم سنها عالمياً لكي تستطيع المطالبة بالمساواة الكاملة مع الرجل، 
 
ولعب دورها المجتمعي على أكمل وجه...


فهذه مسائل يمكن أن نتفق عليها، حين يتخلص المجتمع الجزائري من جميع ما يكدره ويتعافى من الشوائب العالقة في موروثه الاجتماعي منذ مئات السنين، وأساليب التربية تجاه الأطفال التي تفرض عليه مبدأ الخضوع المطلق للكبير والاستماع لرأيه من دون محاكاة عقلية، حتى إن كانت المبادئ المطبقة غير صحيحة، أو تؤدي إلى انحرافات فكرية ومن بعدها انحرافات سلوكية، تظهر المجتمع مختلاً في علاقاته التي يسودها الشك وما يتبعها من انغلاق يبدأ من الفرد وينتهي بالأسرة والحي والمجتمع في نطاقه الأوسع.

ـ المرأة نصف المجتمع وهي (الكائن الرقيق) وما زلنا نتعامل معها على أنها الحلقة الأضعف، التي يفترض بها أن تقوم بدورها بشكله النمطي، كما ورثنا صورتها وتعامل الآباء معها بشكل عام باستعلاء، كرسته الروايات العربية أولاً، ومن ثم الدراما العربية والجزائرية بخاصة، وليست شخصية أحمد عبد الجواد ببعيدة عنا في إحدى روايات نجيب محفوظ، فالرجل هو ذلك الشخص الحازم في بيته البشوش خارجه، الذي يحمل في طياته تناقضات الحياة، وازدواجية التعامل التي تجعل منه في كل مكان شخصاً مختلفاً.

ـ لم تنصف القوانين المرأة، وإن كانت قد أكدت حقوقها، ووقفت إلى جانبها في بعض ظلاماتها، ولاسيما أن المجتمع الذكوري لا يقبل بإنصافها، وإن كانت الشعارات تؤكد المساواة التامة مع الرجل سواء في العمل، أو في تقلد المناصب، أو غيرها من الأشياء التي تجعل من المرأة شريكاً حقيقياً للرجل وليست مجرد تابع.

ـ في المنزل تميل الكفة للرجل دائماً، حتى إن كانت زوجته تقوم بالعمل نفسه خارج المؤسسة سواء كان ذلك في المعمل أو في المؤسسات المختلفة، إذ يقع على عاتقها في العموم تحضير الطعام وتربية الأولاد وتدريسهم والسهر على راحتهم وعلى راحة زوجها أيضاً، ولتتهم في نهاية الأمر بالتقصير إن حدث أي خلل غير مقصود، أو حادث لم تتسبب هي به ويجد الرجل متسعاً من الوقت للقراءة أو ممارسة هواياته المختلفة.

ـ ليست المشكلة التي يعانيها المجتمع الجزائري، في حاجته إلى ندوات تعريفية بحقوق الطفل أو المرأة، وتصديهما لعسف الرجل المتجسد في صورة /أحمد عبد الجواد/، وإنما في تثقيف المجتمع بأهمية المساواة وحتميتها، وبث روح الحوار في جميع أفراده، منطلقين من الأسرة التي هي نواة المجتمع ولبنته الأولى، وإذا كان المرء ابن عاداته، فيفترض بنا أن نغير في الكثير من تلك العادات وصولاً إلى أسرة منسجمة ومتناغمة قلباً وفكراً وقالباً.
مصطفي قطبي

إرسال تعليق Blogger