(البطء)، (التردد)، (التهور ـ التعجل)، اللاشفافية، تجميل الخطأ،
الترقيع، الخداع... كلها علامات فارقة في الأداء الحكومي
الجزائري خلال زمن ''مديد''...
وهي حقائق ـ غالباً ـ لم ترتبط بحكومة محددة دون الأخرى، ولم ترتبط واحدة من تلك
الحقائق بحكومة دون الأخرى بل ارتبطت ''العلامات'' كلها ببضع حكومات سابقة قبل
تكحيل عيون الوطن بحكومة ''عبد المالك سلال''.
ويمكن للمتتبع عندما يبحث عن توصيف لتلك الحالة الوصول إلى النتيجة التالية: من
شدة تلازم تلك الحقائق بالأداء الحكومي فإنّ المواصفات ذاتها تبدو وكأنها هي شروط
اختيار الوزراء والمسؤولين... وهذا يعني أنّ منظومة انتقاء المسؤولين مبتلية
بالعلامات الفارقة المذكورة ذاتها، بدليل أن بعض الأسماء التي تمّ اختيارها
(بعناية) وإعطاؤها فرصة المسؤولية أثبتت أنها أصغر من أن تؤتمن حتى على (كرسي
حلاق) ومع ذلك أؤتمنت على مصير مؤسسات عامة ومصائر العباد...!
إنّ التبصّر في واقع المسؤولين يؤدي إلى اكتشاف شريحة منهم لم يصدّق أفرادها أنهم
فجأة أصبحوا وزراء أو مسؤولين... فكان بعضهم أصغر من الكرسي يغوص فيها
حتى يصبح حاله كمن تدثر بكرسي، ولا قيمة بشرية له من دون كرسي، وحدوده متطابقة مع
حدود الكرسي، وعندما يمشي تخال كرسياً يمشي، وعندما يعقد مؤتمراً صحفياً تخال أنه
الكرسي الناطق...
وأنّ
قوائم الكرسي تمسك بالميكرفون كي تتحدث عن أدوات التدخل الإيجابي في الأسواق أو
شؤون الدعم أو الأمن الطاقوي أو الأمن المائي أو الأمن الغذائي... على سبيل
المثال... وينتهي بانتهاء مفعول اللاصق الذي جعله مع الكرسي كينونة واحدة...! ويغيب حضوره بشكل كلي بعد ابتعاده أو إبعاده عن الكرسي…
أليس من اللافت جداً أنّ مسؤولين حكوميين
كثيرين (من دون الاضطرار لذكر أسماء) غابوا بعد ابتعادهم عن المنصب؟!
إحدى
الحقائق المهمة هنا،
أنّ من يفتقد الحضور الاجتماعي والنشاط والمؤهلات المقنعة وأصبح وزيراً أو مسؤولاً
لن تقدّم له الوزارة والمنصب شيئاً ويعود إلى حيث اللامكانة الاجتماعية بعد انتهاء
مفعول المنصب!
لذلك
نجد أنّ مسؤولين بالجملة أحياهم الاختيار إلى موقع لا يناسبونه ويموتون اجتماعياً
بعد انقطاعهم عن كرسي المسؤولية...!
مسؤولون
آخرون ترى كراسيهم ولا تراهم، لأنّ الواحد منهم اختبأ كله من الأخمص وحتى قمة
الرأس خلف الكرسي... المهم عنده أنه دخل تصنيف مسؤول...
في تفصيلات الحالة السلبية لعلاقة المسؤولية والكرسي فإنه حتى اللحظة يمكن تمييز
حكوميين بأنهم أكبر من الكراسي التي يجلسون عليها، ويستحقون أفضل ممّا حصلوا عليه،
ومع أنّ بعضهم يمكنه أن يتمدد بأكثر من الدور الحقيقي لكرسيه، ويصبح مسؤولاً
حقيقياً بحدود الممكن فإنه في المقابل يمكن للكرسي أن يكبح حماسة مسؤول يجد نفسه
ويطمح ليكون في موقع يناسبه...
شرائح وحالات وعلامات فارقة يمكن التفصيل فيها ويمكن تشريحها، ولكن اليوم الوقت
للسؤال العريق:
هل
الرجال المناسبون في الأمكنة المناسبة؟!
بقلم:
مصطفى قطبي
إرسال تعليق Blogger Facebook