استقبلت وسائل الاعلام انهيار الجيش العراقي واستيلاء المتمردين على عدد من
المدن ، بتحليلات متباينة وتوصيفات شديدة الاختلاف فمنهم من ركز على داعش
تحديدا وانطلاقا من ذلك اعتبر القائمين بالفعل متشددين ينتمون لجماعات
جهادية ومنهم من وصف الاحداث بالثورة ومنهم من وصفها بالتمرد المسلح ،
هذا
الامر لم يقتصر على وسائل الاعلام بل امتد الى شخصيات سياسية عراقية من
الداخل وتصريحات اخرى لسياسيين من دول عربية وغربية ربما ابرز التصريحات
المتباينة ما قاله رئيس الوزراء نوري المالكي مقابل تصريح النائب السابق
للرئيس العراقي طارق الهاشمي ، فالأول اطلق على ما يجري
ب"المؤامرة"و"الارهاب "والثاني اطلق عليها "انتفاضة يائسين " .
الجانب الثاني جاء بعد طلب دعوة المالكي ان تقدم الولايات المتحدة الامريكية المساعدة للأجهزة الامنية العراقية حتى تستعيد السيطرة على المدن وفق الاتفاقية الاستراتيجية بين البلدين ، وهو ما اثار جدلا جديدا حول طبيعة التدخل الامريكي ومداه وتداعياته ، ثم تلا ذلك تراشق فتاوى بين شخصيات دينية سنية وشيعية تعطي تصنيفات مختلفة لما يحدث في العراق ،فضلا عن حديث عن تدخل ايراني لدعم المالكي .
ربما اصدق توصيف لما يحدث في العراق هو الاقرار بان المشهد شديد التعقيد وضبابي وان كل طرف يملك جزء من الحقيقة ولفهم ما يجرى على ارض الواقع يجب تجميع اجزائها معا ، لكن يمكن تفسير هذا الارتباك في تصنيف الحالة العراقية والصدمة انطلاقا من عدة عوامل :
_ المفاجأة الضخمة كانت مع انهيار الجيش العراقي وقوات الشرطة بعد مواجهات لم تدم مدة طويلة ضد المتمردين ، ويفسر ذلك خلل هيكلي في الجيش العراقي وعقيدته القتالية وكذلك الشرطة ، هذه المشكلة برزت بعد قيام الاحتلال الامريكي بتفكيك المؤسسات الامنية بهدف القضاء على النفوذ البعثي الذي كان متجذرا في المؤسسات العراقية ، وقد تم اعادة بنائه وفقا لعقيدة طائفية لا وطنية ، وقد كانت هذه نقطة الضعف التي جعلته ينهار من الداخل بسهولة .
_تصاعد خطر داعش فهي التي تصدرت المشهد القتالي وسيطرت على مدينتي الموصل وتكريت والخوف ان يشجعها ذلك على امتداد نشاطها الي بلدان اخرى مجاورة ، رغم وجود جماعات وكتائب اخرى اضافة الى مجالس العشائر وبعض القيادات البعثية السابقة ورجال الطريقة النقشبندية ، إلا ان داعش نالت نصيب الاسد من ناحية القلق من تداعيات تحقيقها انتصارات على اراض عراقية ،يرجع ذلك الى علاقتها مع القاعدة وعقيدتها المتشددة وطبيعة العمليات التي تبنتها من قبل في كل من العراق وسوريا اضافة الى استقطابها مقاتلين من مختلف الجنسيات وهو يفسر القلق ايضا من عودة المقاتلين الى بلدانهم الاصلية محملين بالفكر الجهادي المتشدد .
_ الانسداد السياسي الذي ظهرت بوادره بعد فشل محاولة المالكي اقرار حالة الطوارئ في البرلمان العراقي لعدم اكتمال النصاب القانوني الذي يفهم منه رغبة الكتل السياسية بمعاقبة المالكي ، تلا ذلك انتقادات من احزاب وشخصيات سياسية عراقية لخطاب وسياسات المالكي وصلت الى حد المطالبة بتشكيل حكومة وطنية جديدة وتحميل سياساته وممارسات حكومته الفاشلة ما يجري من تمرد في المدن العراقية .
_ الخوف من ان تشتعل حرب طائفية وتنامي النزعات الانفصالية ، اذ تعزز ذلك مع كلام ايران عن حماية المزارات وفتاوى مرجعيات دينية سنية وشيعية محرضة على القتال وهو ما يمكن اني يؤدي الى الانزلاق في حرب اهلية ذات طابع طائفي ، تزامن ذلك مع تحقيق قوات الاكراد تقدما بسيطرتهم على مواقع استراتيجية وهو ما ادى الى زيادة مساحة الاقليم الكردي عمليا في ظل حالة الفراغ الامني .
من الجلي ان العداء للمالكي هو الذي جمع المتمردين ضده رغم تباين مشاربهم وإيديولوجياتهم وانتماءاتهم فمن كان يتخيل ان ينضم البعثيون الى داعش لكن من المرجح ان هذه الخلافات بينهم ستبرز مجددا بعد تحقيق اهدافهم ،وهو ما قد يؤدي الى اقتتال داخلي بين هذه الجماعات ، هذا اضافة الى ارتفاع حصيلة القتلى خلال فترة المواجهات ، ونزوح عدد من السكان خاصة الاقليات التي كانت تخشى معاملة تميزية من قبل الجماعات المقاتلة وعلى رأسها داعش .
ما يحدث في العراق هو انتفاضة يائسين فعلا في اسوأ سيناريو ممكن ، اولا لأنها جاءت في شكل تمرد مسلح ،وثانيا لأنها حملت تنظيمات ذات تفكير متشدد الى واجهة الاحداث ، نتيجة لفشل سياسات المالكي وتذمر المتضررين وعدم الاهتمام ببناء مؤسسات امنية على اسس صحيحة وتغليب المصالح السياسية والحزبية والطائفية الضيقة على المصلحة الوطنية ، اضافة الى انسداد القنوات الرسمية التي كان يمكن من خلالها التعبير عن السخط وعدم الرضا على مخرجات النظام السياسي بطريقة سلمية
الجانب الثاني جاء بعد طلب دعوة المالكي ان تقدم الولايات المتحدة الامريكية المساعدة للأجهزة الامنية العراقية حتى تستعيد السيطرة على المدن وفق الاتفاقية الاستراتيجية بين البلدين ، وهو ما اثار جدلا جديدا حول طبيعة التدخل الامريكي ومداه وتداعياته ، ثم تلا ذلك تراشق فتاوى بين شخصيات دينية سنية وشيعية تعطي تصنيفات مختلفة لما يحدث في العراق ،فضلا عن حديث عن تدخل ايراني لدعم المالكي .
ربما اصدق توصيف لما يحدث في العراق هو الاقرار بان المشهد شديد التعقيد وضبابي وان كل طرف يملك جزء من الحقيقة ولفهم ما يجرى على ارض الواقع يجب تجميع اجزائها معا ، لكن يمكن تفسير هذا الارتباك في تصنيف الحالة العراقية والصدمة انطلاقا من عدة عوامل :
_ المفاجأة الضخمة كانت مع انهيار الجيش العراقي وقوات الشرطة بعد مواجهات لم تدم مدة طويلة ضد المتمردين ، ويفسر ذلك خلل هيكلي في الجيش العراقي وعقيدته القتالية وكذلك الشرطة ، هذه المشكلة برزت بعد قيام الاحتلال الامريكي بتفكيك المؤسسات الامنية بهدف القضاء على النفوذ البعثي الذي كان متجذرا في المؤسسات العراقية ، وقد تم اعادة بنائه وفقا لعقيدة طائفية لا وطنية ، وقد كانت هذه نقطة الضعف التي جعلته ينهار من الداخل بسهولة .
_تصاعد خطر داعش فهي التي تصدرت المشهد القتالي وسيطرت على مدينتي الموصل وتكريت والخوف ان يشجعها ذلك على امتداد نشاطها الي بلدان اخرى مجاورة ، رغم وجود جماعات وكتائب اخرى اضافة الى مجالس العشائر وبعض القيادات البعثية السابقة ورجال الطريقة النقشبندية ، إلا ان داعش نالت نصيب الاسد من ناحية القلق من تداعيات تحقيقها انتصارات على اراض عراقية ،يرجع ذلك الى علاقتها مع القاعدة وعقيدتها المتشددة وطبيعة العمليات التي تبنتها من قبل في كل من العراق وسوريا اضافة الى استقطابها مقاتلين من مختلف الجنسيات وهو يفسر القلق ايضا من عودة المقاتلين الى بلدانهم الاصلية محملين بالفكر الجهادي المتشدد .
_ الانسداد السياسي الذي ظهرت بوادره بعد فشل محاولة المالكي اقرار حالة الطوارئ في البرلمان العراقي لعدم اكتمال النصاب القانوني الذي يفهم منه رغبة الكتل السياسية بمعاقبة المالكي ، تلا ذلك انتقادات من احزاب وشخصيات سياسية عراقية لخطاب وسياسات المالكي وصلت الى حد المطالبة بتشكيل حكومة وطنية جديدة وتحميل سياساته وممارسات حكومته الفاشلة ما يجري من تمرد في المدن العراقية .
_ الخوف من ان تشتعل حرب طائفية وتنامي النزعات الانفصالية ، اذ تعزز ذلك مع كلام ايران عن حماية المزارات وفتاوى مرجعيات دينية سنية وشيعية محرضة على القتال وهو ما يمكن اني يؤدي الى الانزلاق في حرب اهلية ذات طابع طائفي ، تزامن ذلك مع تحقيق قوات الاكراد تقدما بسيطرتهم على مواقع استراتيجية وهو ما ادى الى زيادة مساحة الاقليم الكردي عمليا في ظل حالة الفراغ الامني .
من الجلي ان العداء للمالكي هو الذي جمع المتمردين ضده رغم تباين مشاربهم وإيديولوجياتهم وانتماءاتهم فمن كان يتخيل ان ينضم البعثيون الى داعش لكن من المرجح ان هذه الخلافات بينهم ستبرز مجددا بعد تحقيق اهدافهم ،وهو ما قد يؤدي الى اقتتال داخلي بين هذه الجماعات ، هذا اضافة الى ارتفاع حصيلة القتلى خلال فترة المواجهات ، ونزوح عدد من السكان خاصة الاقليات التي كانت تخشى معاملة تميزية من قبل الجماعات المقاتلة وعلى رأسها داعش .
ما يحدث في العراق هو انتفاضة يائسين فعلا في اسوأ سيناريو ممكن ، اولا لأنها جاءت في شكل تمرد مسلح ،وثانيا لأنها حملت تنظيمات ذات تفكير متشدد الى واجهة الاحداث ، نتيجة لفشل سياسات المالكي وتذمر المتضررين وعدم الاهتمام ببناء مؤسسات امنية على اسس صحيحة وتغليب المصالح السياسية والحزبية والطائفية الضيقة على المصلحة الوطنية ، اضافة الى انسداد القنوات الرسمية التي كان يمكن من خلالها التعبير عن السخط وعدم الرضا على مخرجات النظام السياسي بطريقة سلمية
إيمان موسى النمس
إرسال تعليق Blogger Facebook