لم يكن غريبا ان يدعم حزب الله اللبناني الصفقة النووية بين
طهران وواشنطن. ومثلما يفرض واجب الطاعة والولاء الديني على زعيم الحزب حسن
نصرالله أن يتبع الولي الفقيه وسيده في طهران في أي قرار يوجه به، فإن
الأهداف السياسية الآنية والمستقبلية للحزب، شجعته ايضا بل قد تكون دفعته
دفعا إلى مباركة هذا التقارب لـ'محور الممانعة' مع 'الشيطان الأكبر'، على
حد تعبير المحللين.
وقال حسن نصر الله زعيم حزب الله
الأسبوع الماضي في تصريحات تعليقا على الصفقة بين حليفه الإيراني وواشنطن
إن موقف حزبه سيصبح "أقوى محليا وإقليميا ودوليا حال توصل إيران وأميركا
إلى حل" على ماذكرته مجلة فورين بوليسي الأميركية.

ويقول
مراقبون إن دعم الحزب الشيعي ـ الذي يشدد في مبدئيته المقاومة على أنه
مجموعة مناهضة للولايات المتحدة واسرائيل ـ للصفقة، جاء امتدادا لأوامر
المرشد الأعلى آية الله خامنئي للقوى الإيرانية الداخلية بألا تتلفظ بما
يتسبب في تقويض المحادثات، رغم أنه كان مناقضا تماما لاعتراضات حلفاء مهمين
للولايات المتحدة مثل السعودية وإسرائيل وغيرهما من الدول في منطقة لا
تنقصها أسباب الاحتقان أصلا.
ويقول توماس بيكرينغ الدبلوماسي الأميركي السابق إن موقف حزب الله ليس مفاجئا لأنه يعكس وجهات النظر الإيرانية الحالية.
ونسبت
تقارير صحفية لخامنئي تصريحه في اكتوبر/تشرين الأول بأن "الدبلوماسيين
الإيرانيين يحملون على عاتقهم مهمة صعبة، ولذلك فليس من المحبب أن يتم
إشغالهم بالاعتراضات"، وهي تصريحات كفيلة بدعم حزب الله الدائم للصفقة، حسب
تقديرهم.
وفي تقدير بعض المحللين فإن نصرالله أصبح بمرور
الايام طامعا اكثر فأكثر في أن يساعد اتفاق الولايات المتحدة وإيران حول
البرنامج النووي على تحسين التعاون بين البلدين في قضايا أخرى يمكن أن يكون
الحزب طرفا فيها كما هو الحال في الأزمة السورية.
ويقول
محللون إن نصرالله قد يكون يخفي كذلك رغبة في أن تشمله بركة التقارب
الإيراني الأميركي من ناحية تخفيف حدة الضغط عليه في المحافل الدولية بعد
أن نجحت واشنطن في جر الشريك الأوروبي إلى قيد الحزب اللبناني على اساس أنه
"منظمة إرهابية" ولو في جانبها العسكري مع احتراز البعض على تصنيف الحزب
إرهابيا بصفته الكلية.
ويرى هؤلاء أن الحزب يعتقد أن من
شأن هذا التقارب أن يخفف الضغط على نظام الرئيس السوري بشار الاسد والذي
يعتبره الحزب بقاءه مسألة حياة أو موت بالنسبة إليه، ويكتسي أهمية بالغة له
أكثر حتى من إيران نفسها.
وخاطر الحزب اللبناني بكثير من
مستقبله عندما أعلن صراحة وقوفه إلى جانب جيش الاسد في قتال معارضين
ينتمون في أغلبيتهم إلى الطائفة السنية ما ساهم في تأجيج نزاع شيعي سني في
منطقة.
وأغضب تدخل حزب الله في النزاع السوري السعودية
والولايات المتحدة التي تراجعت في آخر لحظة عن مهاجمة الرئيس السوري بشار
الاسد عسكريا وبضغط من الرياض، بعد قراره التخلي عن سلاحه الكيميائي في
صفقة نزل فيها العراب الروسي بكل ثقله لتحقيقها.
وقالت
مجلة فورين بوليسي إن حزب الله لا يتخوف من تأثير التقارب الأميركي
الإيراني على علاقته بطهران، لكنه يرى في المقابل أن هذا التقارب من شأنه
أن يعزز استمرار وجهة الحرب السورية في الاتجاه الذي يخدم مصلحة الرئيس
بشار الأسد كأحد أقوى حلفاء حزب الله وإيران على حد سواء.
ومؤخرا،
قال رئيس الوزراء السوري إن النظام يسير نحو انتصار مذهل. ونجح الجيش
السوري بمساعدة مقاتلين من حزب الله وميليشيات شيعية عراقية وإيرانية قبل
ايام بالسيطرة على أراض سورية في ضواحي حلب ودمشق وشن هجوما كاسحا في
منطقة القلمون على طول الحدود اللبنانية، وهي تطورات خففت ضغطا قويا على
قادة دمشق وجعلتهم يتحدثون عن قرب انتصارهم على المقاتلين "الإرهابيين".
وقال
قاسم قصير الصحفي المتخصص بشؤون حزب الله في صحيفة السفير اللبنانية
للمجلة الأميركية إن "حزب الله يرى في الانتصارات العسكرية الأخيرة في
سوريا فرصة جديدة له لإعادة بناء محور مقاومة والذي يضم مجموعة من الجهات
الفاعلة المعارضة للنفوذ الأميركي والسعودي بمنطقة الشرق الأوسط".
وقال
إن التحالف الجديد سيعوض التحالف الذي كانت تشكله إيران وسوريا وحزب الله
وحماس وجماعة الإخوان بمصر وتحطم ـ حسب تعبيره ـ عقب اندلاع الحرب السورية،
بعد أن انضمت حماس وإخوان مصر للمعسكر المناهض للأسد.
وكشف
قصير عن أن حزب الله يرى في هذه التطورات "فرصة لإعادة بناء العلاقات بين
حماس ونظام الأسد والتي كانت انقطعت عقب مغادرة كبار مسؤولي حماس لدمشق إثر
اندلاع الحرب في 2012"، ويستند الحزب الشيعي اللبناني في موقفه على
استمرار العلاقة بين إيران وحماس بالرغم من رفض الأخيرة للموقف الإيراني
تجاه الأسد.
واكد الصحفي اللبناني أن حزب الله ما يزال واثقا "من أنه يمكن إعادة تعزيز محور المقاومة إلى ما كان عليه قبل الثورة السورية".
ميدل ايست أونلاين
إرسال تعليق Blogger Facebook